السبت، 21 يونيو 2014
8:17 ص

لا حياة مع اليأس ولا يأس مع الحياة




لا حياة مع اليأس ولا يأس مع الحياة
قصة "منيرة"

رُزق سلمان وزوجته بطفلين معوقين، خضعا بعد الطفل الثاني لفحوص طبية مكثفة للبحث عن أسباب مشكلات طفليهما الصحية، نصحهما استشاري بعدم الإنجاب لوجود مشكلات في الجينات ترفع من نسبة إصابة أطفالهما في المستقبل بإعاقات مشابهة للتي يعانيها طفلاهما، أخذ سلمان وزوجته نصيحة طبيبهما بعين الاعتبار وقررا عدم الإنجاب والتركيز على رعاية طفليهما ال...جميلين صالح ونبيلة.
عمدت الزوجة على تناول حبوب منع الحمل تحت إشراف طبي لسنوات عديدة للحيولة دون الإنجاب، وبالفعل لم يتم الإنجاب لنحو سبع سنوات، لكن في مطلع السنة الثامنة حملت زوجته بالخطأ، أقنعها زوجها بالإجهاض بيد أنها رفضت بشدة، أقسمت له أنها لم تتعمّد الحمل، لكنها لن تضحي بجنينها الآن، وأنه حتى لو جاء مصاباً فسيحظى بالعناية نفسها التي يحصل عليها طفلاها الآخران.
لم يقتنع سلمان بمبررات زوجته، اختلفا تماماً، ترك المنزل طوال مدة حملها، ظل في منزل والدته حتى وضعت مولودها، جاءه اتصال بأن زوجته أنجبت بنتاً، الأم والبنت يرتديان لباس الصحة والعافية.
خضعت البنت منذ الأشهر الأولى إلى متابعة طبية دقيقة كشفت أنها تتمتع بصحة جيدة ولا تعاني أيَّ نوع من المشكلات.
تبلغ منيرة اليوم 13 عاماً، وتملأ منزل والديها بالسعادة والبهجة، والأهم من ذلك أنها ترعى وتهتم بشقيقها صالح وشقيقتها نبيلة كأنها أمهما.
ندم سلمان ندماً شديداً لأنه كاد يوماً من الأيام أن يسهم في عدم إبصار منيرة النور، وكاد أن يحرم صالح ونبيلة من منيرة التي تسرح شعرهما وتلهو معهما وتدفع عربتهما في المنزل بمتعة، كاد سلمان أن يحجب نافذة ضوء في منزله.
إن رحمة الله واسعة وفضله عظيم ويهبنا ما نطلب وما لا نطلب، ينبغي أن نعي أن هناك الكثير من الأمور في ظاهرها شر بينما في باطنها خير.
إنني دائما أردّد هذه الآية الكريمة: “وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم”. ها هي منيرة اليوم تأتي لتضيء منزل أسرتها بابتسامتها وحيويتها وعنايتها بشقيقها وشقيقتها. أصبحت هدية لا تشيخ لأمها التي كافحت للاحتفاط بها، وستظل درساً متحركاً لأبيها كي لا يقنط من رحمته أبداً ولا ييأس؛ ليتحلى بالتفاؤل ويتشبث بالأمل.
إن الابتلاءات هي مفتاح للانتصارات، تحرك محركات أعماقنا وتحرضنا على المواصلة والمسير وتدفعنا للأمام، فالجروح تعطينا قوة إضافية لمواجهة المستقبل الزاخر بالتحديات، كلما تألمنا تعلمنا. قد لا يمنحك التفاؤل كل شيء، لكن تأكد أن التشاؤم سيسلب منك أهم شيء، سينتزع منك غريزة الإقبال على الحياة فتموت ببطء شديد، ببطء يجعلك مصدراً للشفقة والعطف، سيحوّلك إلى أيقونة للفشل والضجر.
و لا حياة مع اليأس ولا يأس مع الحياة...

0 التعليقات:

إرسال تعليق