عن أي حزن يتحدثون ؟
عروة بن الزبير قطعت رجله لمرض أصابه ... وفي نفس اليوم توفى أعز أبنائه السبعة على قلبه ... بعد أن رفسه فرس ومات...
فقال عروة : اللهم لك الحمد وإنا لله وإنا إليه راجعون ...
أعطاني سبعة أبناء وأخذ واحداً ...
وأعطاني أربعة أطراف وأخذ واحداً ...
إن ابتلى فطالما عافا ... وإن أخذ فطالما أعطى ...
وإني أسأل الله أن يجمعني بهما في الجنة ....
ومرت الأيام ... وذات مرة... دخل مجلس الخليفة، فوجد شيخاً طاعناً في السن مهشم الوجه، أعمى البصر ...
فقال الخليفة : يا عروة سل هذا الشيخ عن قصته ...
قال عروة : ما قصتك يا شيخ ؟
قال الشيخ : يا عروة أعلم أني بت ذات ليلة في وادٍ، وليس في ذلك الوادي أغنى مني ولا أكثر مني مالاً وحلالاً وعيالاً .... فأتانا السيل بالليل فأخذ عيالي ومالي وحلالي، وطلعت الشمس وأنا لا أملك إلا طفل صغير وبعير واحد ... فهرب البعير فأردت اللحاق به، فلم أبتعد كثيراً حتى سمعت خلفي صراخ الطفل ... فالتفت فاذا برأس الطفل في فم الذئب ... فانطلقت لإنقاذه فلم أقدر على ذلك فقد مزقه الذئب بأنيابه ... فعدت لألحق بالبعير فضربني بخفه على وجهي ... فهشم وجهي وأعمى بصري...
قال عروة : وما تقول يا شيخ بعد هذا ....
فقال الشيخ : أقول الحمد لله الذي ترك لي قلباً عامراً ولساناً ذاكراً ...
هذا هو الصبر ... هؤلاء الذين بشرهم الله بقوله (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) ..!
ما هي مصائبنا لكي نحزن ونتضايق ...؟
هل تقاس بمصائبهم ...!
هم صبروا فبشرهم الله ... ونحن جزعنا فماذا لنا ؟
ربنا لك الحمد، حمداً كثيراً طيباً مباركاً ...
تعيش بين أهلك .... تتمتّع بالصحة والعافية ... تنام على (فراش) خاص بك ... تأكل وتشرب وتخرج وتعيش بأمان ... ولا تشعر بالخوف حولك ... وكل ما ترغب به تحصل عليه ... إما بوقته أو بعد حين .... تضحك وتتحرك وتتمتع بكامل قواك العقلية والجسدية ... لكنك تيأس بسرعة وتتأوه .... يا همومي ارحميني ما عاد لدي صبر ... يا موت خذني كم بدنياي عانيت ...
وتتصنع الحزن ... وتضع صور لأناس يبكون ويتألمون .. أريد أن أعرف عن أي حزن يتحدثون ..
احمدوا الله واشكروه فإنكم لا تعلمون ....
0 التعليقات:
إرسال تعليق